يتناول هذا البحث موقف كندا من أزمة الكونغو خلال الفترة الممتدة بين عامي (1960- 1964م)، وهي الفترة التي شهدت مشاركة كندا في عملية الأمم المتحدة في الكونغو من أجل إنهاء الأزمة التي بدأت بإعلان إقليم كاتانغا انفصاله عن الكونغو بدعم بلجيكي في يوليو عام 1960م، وهدف البحث إلى رصد تطور موقف كندا من الأزمة خلال تلك الفترة، واعتمد البحث بشكل رئيس على الوثائق الكندية وغيرها، وتوصل إلى أن الموقف الكندي كان متغيرًا طوال فترة الأزمة؛ فقد ترددت كندا في التدخل فيها في البداية، ولكنها بعد دراسة عواقب عدم تدخلها، فإنها قررت الانضمام إلى عملية الأمم المتحدة التي هدفت إلى استعادة الاستقرار في الكونغو وسحب القوات البلجيكية منها، ثم تبنت كندا موقف الحياد بتدخلها في الأزمة؛ حيث حاولت تحقيق توازن بين الأمم المتحدة وحليفتها بلجيكا في حلف شمال الأطلسي، ولكن نتيجة ضغط الاتحاد السوفيتي وغيره من الدول على الأمم المتحدة من أجل إنهاء الأزمة بعد أن تزايدت حدتها، فإن موقف كندا قد تحول إلى دعم الأمم المتحدة بكل الوسائل المتاحة، وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمم المتحدة لم تنجح في إنهاء الأزمة؛ ولذلك تغير موقف كندا إلى تبني الدبلوماسية باعتبارها اتجاهًا آخر يمكن من خلاله إنهاء الأزمة؛ حيث دعمت خطة يو ثانت للمصالحة الوطنية التي نجحت في إنهاء انفصال كاتانغا في يناير عام 1963م، ولكن سرعان ما تغير هذا الموقف في شهر أبريل من العام نفسه؛ حيث لم تعد تهتم كندا بالأزمة كما كان في السابق بعد أن وصل الحزب الليبرالي إلى السلطة، واستمر موقفها على هذا النحو حتى انتهى تدخلها في الكونغو بانتهاء عملية الأمم المتحدة في عام 1964م.